فوائد طبية
ويأتي استعماله كمادة طبية بشكل خاص لكون اللبان مادة ذات قوة مدفّئة، وكونه دواء مقبضاً للجرح. ومن خلال أمثلة كثيرة ومنذ العصور القديمة، كان يشكل اللبان وصفة طبية لتطهير الجروح وتجفيفها، بالإضافة الى اعتباره مادة كاوية.
ولعل الشغف برائحة اللبان قد استمر عند سكان اليمن الى يومنا هذا، حيث يحرق اللبان في الاستقبالات والمراسيم العامة، بالإضافة الى أغراض أخرى، والنوع اللين منه يمضغ. ويمكن معرفة الأهمية الأساسية للبان من خلال اللغات العربية الحديثة كالمهرية والشحرية، وكذلك من لهجة ظفار العربية، وبالذات من خلال تسميات خاصة. وهذه الأهمية جاءت من التقاليد الطويلة لإنتاج اللبان، ومن خلال اقتصاد الجمع.
ومع ازدياد الطلب على اللبان لحرقه في المباخر، وكمادة طيبة وكذلك استعماله حديثاً كمادة اساسية لتحضير المواد العطرية، وفي استخدامه في مواد التجميل، كل هذا من شأنه ان يدعو الى العناية بأشجار اللبان وجمع صمغه في المناطق التي يزرع فيها.
اللبان العُماني
حظيت شجرة اللبان عبر مسيرتها ، بحضور تاريخي هائل جعل منا جسراً للتواصل بين حضارات العالم القديم قبل أكثر من 7 آلاف سنة . ولأجلها تحركت القوافل التجارية ، في مسارات شاقة من ظفار بجنوب عُمان ، إلى شواطئ جنوب العراق ، والى الشام ومصر القديمة ، وحتى غزة الفلسطينية الساحلة ، التي حملت منها السفن ثمار الشجرة الظفارية إلى البلدان الأوروبية وخاصة روما القديمة .
وتنمو أشجار اللبان العمانية المعروفة بإسم بوريفليا ساكرا (BOSWLLIA SACRA) بإرتفاعات تصل إلى خمسة أمتار تقريباً ، وهذا النوع من الأشجار وكذلك أشجار المر هما من فصيلة الأشجار البخورية التي يتميز أعضاؤها بوجود مجارِ راتينجية في لحائها .
وفي أوائل شهر إبريل من كل عام ، وما أن تميل درجة الحرارة إلى الارتفاع ، حتى يقوم المشتغلون بجمع الثمار ، (بتجريح) الشجرة في مواضع متعددة ، فالضربة الأولى يسمونها (التوقيع) ، ويقصد به كشط القشرة الخارجية لأعضائها وجذعها ، يتلو هذه الضربة نضوح سائل لزج حليبي اللون ، سرعان ما يتجمد فيتركونه هكذا لمدة 14 يوماً تقريباً . وتتبعها عملية التجريح الثانية ــ ثمار درجة ثانية ــ حيث أن النوعية في هذه المرة الأولى ، فضلاً عن كون الكميات المنتجة منها غير تجارية .
ويبدأ الجمع الحقيقي بعد أسبوعين من التجريح الثاني ، حيث ينقرون الشجرة للمرة الثالثة ، في هذه الحال ينضح السائل اللبني ذو النوعية الجيدة ، والذي يعد تجارياً من مختلف الجوانب ، ويكون لونه مائلاً إلى الصفرة . وضرب أشجار اللبان ليست عملية عشوائية ، وإنما هي عملية تحتاج إلى مهارة فنية خاصة ويد خبيرة ، وتختلف الضربات من شجرة إلى أخرى حسب حجمها ، ويستمر موسم الحصاد لمدة ثلاثة أشهر ، ويبلغ متوسط إنتاج الشجرة الواحدة عشرة كيلو جرامات تقريباُ من الثمار ، ويصل ما تنتجه محافظة ظفار ــ في العام الواحد ــ إلى سبعة آلاف طن تقريباُ ، وهو ما يمكن تقدير قيمته المبدئية بحوالي 30 مليون ريال عماني .
سكان محافظة ظفار يستخدمون ثمارها في ماء الشرب ، حيث يعتقد أنها تساعد على (الإدرار) ، كما أنها تجعل الماء بارداً ونقياً في أوقات الصيف ، ويتم إستخدام اللبان كمادة هامة في صناعة البخور الذي يستخدم في الكثير من المناسبات الاجتماعية ، المرتبطة بعادات الزواج والولادة ، وقد ذكرها وأشاد بها (ابن سينا) حيث يقول (إنها تداوي جميع الأمراض) .
ولا يزال اللبان العماني ، الذي يعتبر أفضل أنواع اللبان في العالم ، مطلوباُ في العديد من بلدان العالم ، حيث يتم إدخاله في صناعة الأودية ، والزيوت والمساحيق والعطور والشموع الخاصة ، بالإضافة إلى إستخدامه في العديد من دور العبادة حول العالم .